هل انتهت الجاهلية في الأرض بمجرد بعثة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -؟ أو بمجرد انتشار الإسلام في ربوع الأرض؟ هل الجاهلية منحصرة في عبادة الأصنام فقط؟ هذا هو المنطلق الأساسي لهذا الكتاب؛ حيث يغوص الأستاذ (محمد قطب ) في أعماق التاريخ والحضارة، محاولًا الإجابة على هذه الأسئلة. كما بيّن أسباب الجاهلية وملامحها، وانعكاساتها في تصورات البشر وسلوكهم ونتائجها في حياتهم، ومستقبلها، ومظاهر الفساد في السلوك والسياسة والاقتصاد والأخلاق، وفى علاقات الجنسين، وفى الفن. وفي النهاية: كيف نتخلص من هذه الجاهلية؟
إن كل ما يحدث من البشر على الأرض، وكل ما هو حادث لهم يجري على السنة الإلهية التي خلقت الإنسان مزدوج الطبيعة، قابلًا للهدى والضلال. ولم يحدث أن خرج أحدٌ عن هذه السنة؛ ولذلك ينتفي -وبوضوح -أي ارتباط بين الجاهلية وبين الزمان والمكان؛ فالهدى كله جوهر موحد، والضلال كله جوهر موحد، ثم تختلف بعد ذلك العصور والأشكال، وتتخذ الجاهلية والهدى أشكالًا -في الاقتصاد والسياسة والفن والعلم -تناسب ما بلغ إليه العقل البشري من احتكاكه بالكون المادي من حوله. ولا يخرج الاقتصاد، والاجتماع، والسياسة، والفن، والعلم في أي حالة من حالاتها المتطورة عن أحد وضعين اثنين؛ إما الهدى وإما الضلال، إما الإسلام وإما الجاهلية.
وهناك بعض الأمثلة التاريخية التي تبين تلك الحقيقة؛ منها ما قاله (شعيب) لقومه؛ فقد وضع العقيدة الثابتة بقوله: "اعبدوا الله مالكم من إله غيره "، كما وضع الشريعة المبسطة متعددة الجوانب، كالجانب الاقتصادي بقوله: "فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشيائهم "، والجانب الاجتماعي والسياسي في قوله: "ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها "، "ولا تقعدوا بكل صراطٍ توعدون وتصدون عن سبيل الله من آمن به "، وفي هذه الأطوار نظّم الناس حياتهم الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية؛ فكانوا على هدى شريعة الله، وكانوا مؤمنين، ومنهم من أبى أن ينظّم حياته على هذه الشريعة فكانوا من الجاهلية.
العلم خط بشري صاعد لا يتوقف، وهو طاقة محايدة لا توصف بالخير، أو بالشر. والدافع الأكبر للعلم هو الطبيعة البشرية كما خلقها الله؛ مُحِبّة للمعرفة توّاقة للقوة، متطلّعة إلى المزيد من السيطرة على طاقات الكون؛ ولذلك يتقدم العلم ولا يتوقف في الهدى أو الضلال. إنما الذي يتأثر بالهدى والضلال هو الطريقة التي يُستخدَم فيها العلم، والمجال الذي يستخدم فيه؛ فيجب الفصل إذًا بين العلم وبين الجاهلية؛ فلا العلم من مُنْشِآت هذه الجاهلية حتى يُحرَص عليها من أجله، ولا هو سيتوقف إذا انهارت هذه الجاهلية، وحل محلها منهج الله.
ولقد عرفت البشرية من قبل منهج الله؛ فكان هو ذاته الذي بعث العلم من شتاته الضائع، وحَرَّكه أكبر حركة في تاريخ العلم يومئذٍ؛ يتثمل ذلك في الحركة التي وجَّهت (أوروبا) -باحتكاكها بالمسلمين -إلى المذهب التجريبي، وكل ما نتج عنه بعد ذلك من نتائج باهرة ما تزال في زيادة. إذن ليس العلم نتاج الجاهلية الحديثة؛ بل الجاهلية هي التي توجهه نحو الشر؛ فإذا أخرجنا العلم من الجاهلية الحديثة، لن يتبقى سوى الجاهلية العمياء.
اكمل قراءة الملخص كاملاً علي التطبيق الان
ثقف نفسك بخطة قراءة من ملخصات كتب المعرفة المهمة
هذه الخطة لتثقيف نفسك و بناء معرفتك أُعدت بعناية حسب اهتماماتك في مجالات المعرفة المختلفة و تتطور مع تطور مستواك, بعد ذلك ستخوض اختبارات فيما قرأت لتحديد مستواك الثقافي الحالي و التأكد من تقدم مستواك المعرفي مع الوقت
حمل التطبيق الان، و زد ثقتك في نفسك، و امتلك معرفة حقيقية تكسبك قدرة علي النقاش و الحوار بقراءة اكثر من ٤٣٠ ملخص لاهم الكتب العربية الان